الأربعاء، 20 مايو 2020

ظاهرة نقد الدين بعد الثورة السودانية اشكالات الطرح وضعف المضمون


للحقيقة والتأريخ الجموع الهادرة في ديسمبر2019والتي خرجت تطالب بالحياة الكريمة ، وتحسين مستوي المعيشة للفرد داخل ربوع الوطن ؛ لم تخرج لازلة نظام اسلامي بقدرما نادو باسقاط الظلم ، والفساد الذي لازم نظام الانقاذ طيلة فترة حكمه خاصة الايام الاخيرة وبعد تعامل القوات النظامية بالقوة المفرطة مع المحتجين تعالت الاصوات التي تنادي باسقاط النظام
اثناء الاعتصام في ساحة القيادة العامة ضرب الشعب السوداني اروع الامثلة بالتمسك بشعائر الاسلام باقامة صلاة الجمعة والجماعات ، والخلق الحسن ، والتعاون علي انواع البر.
اثناء ذلك بدأ ظاهرة نقد الدين يتصدر المشهد عند قلة قليلة من احزاب اليسار مستغلين فشل المؤتمر الوطني في ادارة البلاد متصيدة الاخطاء المنهجية والشرعية لنظام البشير بالمقارنة بين شعارالنظام الداعي الي الاسلام وبين التجربة المناقضة لحكم الشرع  . تم توظيف هذا التناقض كأداة اعلامية لضرب المشروع الاسلامي بالكلية وتسويق العلمانية نظاما بديلا علي انقاض المشروع الانقاذي الديني وبني اصحاب الاتجاه العلماني طرحهم علي فرضيتين الاولي ان الثورة السودانية جاءت في سياقها مغايرا للثورات التي شهدتها المنطقة في العام 2011التي عرفت بثورات الربيع العربي التي هي من صنع الاسلاميين ، بينما الثورة السودانية قامت ضد النظام الاسلامي المتمثل في المؤتمر الوطني. اما الفرضية الثانية فشل تجربة الانقاذ وسوء استغلال السلطة طيلة فترة الثلاثة عقود الماضية دليل فشل تجربة مشروع الاسلام السياسي لذلك لابد من نظام بديل يستوعب التنوع الثقافي والديني والسياسي.....الخ بعيدا عن توظيف الدين للاغراض السياسية . لعل الناظر لمضمون الخطاب العلماني الداعم لتوجه اقصاء الدين من الحياة العامة يغلب عليها المزاج الليبرالي والحلم اليساري حيث انزلوا جميع اطياف العمل الاسلامي محل النظام الانقاذي البائد .
مع تشكيل الحكومة الانتقالية ذات الاغلبية اليسارية سعي هذ النظام الوليد الي توطيد اركان العلمانية ومحاربة المنظومة الاسلامية ، اغلقت الكثير من المنظمات والجمعيات الاسلامية ، وعملت علي الغاء القوانين التي تجرم الاعمال الفاحشة ، وممارسة الدعارة وغيرها . الحملات المنظمة لاسقاط رجال الدين وممارسة الاستفزاز المستمر بالحديث عن الحريات التي لم تألفها الشعب السوداني كرعاية حقوق المثليين والمجاهرة بها اصبحت جزء من المهمات الريئسية للحكومة الانتقالية بغرض فرض ايدولوجيا بديلة عن الدين .
مدير ادارة المناهج دكتور عمر القراي ابرز من تولي مشروع نقد الدين وهو معروف بمرجعيته الفكرية النابعة من الفكر الجمهوري ، وهو من اتباع محمود محمد طه الذي اعدمه القضاء السوداني في عهد الرئيس جعفر نميري 1985م ردة ويرتكز الفكر الجمهوري علي التفسير الباطني للنصوص ، مما يؤي الي اشكالات فهم النصوص بصورة منحرفة ومن ثم تطبيق هذه المفاهيم بشكل مختلف عما جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فقد كان محمود محمد طه استاذ عمر القراي لايصلي الصلاة المعروفة فضلا عن انه يدعي الالوهية في طرحه الانسان الكامل، ومن المنطلقات الاساسية للحزب الجمهوري ان الدين لايصلح لزامننا.عودا الي مدير ادارة المناهج وتبنيه مشروع نقد الدين ، وقد اعلن اكثر من مرة انه يشرع في اطار تغيير المنهج والاصلاح التعليمي بحذف مادة القرآن الكريم والاستعاضة بدلا منه الموسيقي وترانيم اليهود والنصاري وشعارات الثورة السودانية مما اثار الكثير من الجدل حول افكاره واقواله المتطرفة وتهكمه علي بعض سور القرآن ، وقاد متخصصون وناشطون حراكا واسعا لاقالته من منصبه .
اشكالات الطرح العلماني لنقد الدين
عند التأمل في الطرح العلماني ومبررات نقد الدين في الفترة ما بعد ثورة ديسمبر نلاحظ ضعف الحجج ، ومجانبة الموضوعية في مضمون الفكرة وبنية الطرح ، وانها تعاملت بشكل سافر مع موضوع الدين ونناقش هذه الامور في نقاط ، حتي يتضح التحامل غير المبرر في نقد الدين.
اولا / محاكمة الاسلام والمشروع الاسلامي من خلال تجربة نظام الانقاذ فيه ظلم وحيف وتجاوزلحدود الانصاف ؛ اذ الاسلام دين مقدس كل ما فيه عدل ورحمة وحق لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومصدره الوحي من الله . بينما مشروع الانقاذ تجربة بشرية غير معصومة معرضة للحق والباطل ، والخطأ والصواب من الظلم مساواة شرع الله المنزل بالكسب البشري القاصر هذا من جهة ، ومن جهة  اخري الصاق تهمة الفساد الديني علي مجموعات العمل الاسلامي كافة بسلوك شخص عمل غير مبرر.
ثانيا / المطالبة بابعاد الشرع عن المسألة السياسية حتي لايتم توظيف الدين في القمع والعنف والقتل باسم الاسلام  احد اشهر حجج من ينادون بابعاد الدين عن الحياة العامة وجعله حالة خاصة بين العبد وربه. وهنا تساؤلات تواجه اصحاب هذه الدعوي هل كل فكرة او منهج تم استغلاله وتوظيفه يجب الغاءه وابعاده؟ ولماذا الانتقائية والازدواجية  في الواقع رأينا مشاهد وتجارب مؤلمة من توظيف الدين واستغلاله من قبل انظمة تدعي تمسكها بالشرع وهي ابعد ماتكون من الدين بسلوكها وتجاوزها حدود الله.
التعامل الصحيح في مثل هذه المواقف اولا ان نثبت سلامة الدين وعصمته من الانحراف والتعامل مع السلوك الانساني في حدود العمل البشري العاجز عن ادراك الكمالات ، ثم واقعيا لوحظ ان اكثر ماتعرض للتوظيف والاستغلال السيئ عبر التأريخ الممتد الديمقراطية وشعارات حقوق الانسان فهل يسعي اصحاب نظرية الغاء الدين بسبب التوظيف الي نبذ الديمقراطية وحقوق الانسان بذات الاسباب؟ هذا مالم يحصل .
بعد هذه الاشارات بتناول الطرح العلملني وظاهرة نقد الدين ومضمون الفكرة الجوهرية الداعية الي الغاء الدين في السياسة والحياة العامة تبين ضعف الخطاب العلماني في بلد يتمسك اهلها بالاسلام ويعتزون به  

الخميس، 14 مايو 2020

الاسلام في زمن الكورونا


ظل الاسلام موضع جدل كبير في الاوساط الغربية ، خاصة بين المفكرين ، لأنهم رأوا فيه مصدر تهديد للقيم الغربية خاصة ان الاسلام قد انتشر سريعا في اهم الشرائح والفئات العمرية ، كما اشار صمويل هنتغتون في اطروحته صدام الحضارات اكد في هذا الكتاب ، نسبة الزيادة المطردة لمعتنقي الاسلام  في الغرب كما وجد ان الديانة التي حظيت باهتمامات الشباب من حيث الاعتناق والقبول من بين الديانات السماوية الاخري هي الديانة الاسلامية .
اتخذ الرؤساء الامريكيين التخويف من الاسلام ورقة رابحة في الدعاية الانتخابيةعقب الحادي عشر من سبتمبر حيث استخدم الرئيس الامريكي جورج بوش الابن كلمات مستوحاة من القاموس الديني وقد اطلق علي حملته ضد طالبان الحرب الصليبية ووصفه المسلمين بالارهابيين . ويرجع تأريخ عداء الغرب للدين عقب سقوط الملكيات المطلقة ، وسقوط الكنيسة ورجال الدين .
في تلك الاجواء برزت المفاهيم التحررية ، والتصورات الليبرالية وقيم الحداثة التي تتطلع في حجز مكان لها علي انقاض المورث الديني البالي . ثم تطورت تلك المفاهيم ، وتمركزت حول الانسان بدل الالــه ، والمادية مقابل الغيبيات وكانت النتيجة بداية صعود موجات الالحاد ، وظاهرة نقد الدين . وتجريم الاسلام والصاقه بالتهم الزائفة مما عزف الاجيال الغربية عن التعرف علي الاسلام والاطلاع علي تعاليمه وتشريعاته . غاية ما يعرفه الغربي عن الاسلام انه دين يدعو الي الوحشية ، ولايعدو المسلم في نظره انه متخلف وارهابي وهكذا جعلوا ستارا من الغشاوة حال دون رؤيتهم الحقائق ، وسياجا من الخوف حتي تملكه الاسلام فوبيا في السلوك والتصرفات فغابت عند هذه الشريحة من الغربيين قيم الحوار والتسامح ، للاسف لقد طبق الليبراليون العرب تجربة الغرب في التعامل مع الاديان   نسخة بالكربون مع الاسلام دون مراعاة لتغاير البيئات ، وخصوصيات المجتمعات ، فضلا عن الدين الاسلامي الذي يتميز بشمول التشريعات ، وحفظ نصوصه من العبثية ، وسلامة المعتقد من التحريف الذي طال كثير من الديانات الاخري .
من ابرز محطات عداء الغرب للاسلام محطة مابعد الحرب الباردة حيث تخلص الغرب من العدو اللدود المتمثل في الاتحاد السوفيتي ، حيث وجد الغرب في الاسلام عدوه الجديد. والمحطة الثانية عقب الحادي عشر من سبتمبر.
هناك الكثير من البشريات لاحت في الافق باعتناق اعداد كبيرة من الغربيين الاسلام عندما رأو في الاسلام الدين المنقذ ، وسقوط افتراءات الغرب حول الاسلام والمسلمين .
يعتقد المسلمون انه ليس هناك شر مطلق . ربما ياتي المنح في طيات المحن . وتلوح اشراقات الامل في وسط الظلام .في وقت سابق هاجم الغرب المسلمين بكل ضراوة تحت لافتة محاربة الارهاب ؛ فانكب كثير من المثقفين والباحثين عن الحقيقة علي المراجع الاسلامية ، والتأريخ الاسلامي وقاد ذلك الي اسلام كثير منهم ، والبعض رفع القبعة احتراما للاسلام والتزم موقف الحياد.
مؤخرا عند اجتياج جائحة كورونا للعالم ، واصاب الالآف في قارات العالم المختلفة .اعلن دول عظمي عن عجزها السيطرة علي الفيروس المستجد وتطلب تدخل الرب لانقاذ العالم ، وبدأ البحث عن دور الاديان في مكافحة الفيروس بهذا الخصوص اورد المجلة الامريكية نيوزويك تقريرا بعنوان هل يمكن لقوة الصلاة وحدها ايقاف وباء مثل كرونا؟حتي الرسول محمد كان له رأي آخر هنا يشير المقال الي ضرورة العمل بالاسباب الكونية ، والشرعية في مواجهة الجائحة وهو الامر الاذي لم تألفه الغرب منذ امد بعيد تابع اضاف المقال ان النبي محمد صلي الله عيه وسلم قد نبه الي الالتزام بالحجر والمحافظة علي النظافة قبل اكثر من 1300عام ، واوردت المجلة الكثير من احاديث الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الآمرة بالنظافة كحديث ابي هريرة في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم ( اذا استيقظ احدكم من نومه فلايقمس يده في الاناء حتي يغسلها ثلاثا)
واورد احاديث الطاعون التي تأمر بالحجر والعزلة ، قابل جماهير القراء هذا التقرير بالاستحسان مما اشعل الوسائط الاجتماعية . ورأي كثير من غير المسلمين ان الاسلام دين يستحق الاحترام ويقدم حلولا ورؤي في القضايا المعاصرة عكس الاديان الاخري التي ليس لديها اراء واضحة حيال جائحة كورونا . شاهدت كغيري من المتابعين التعاطف الغير المسبوق للانسان المسلم في البلدان الغير اسلامية ، والسماح لهم اثناء جائحة كورونا بالازان جهرا.
هذا المصارع النمساوي يعلن اسلامه وسط انشغال العالم بفيروس كورونا حيث صرح فيلهلم اوت ان جائحة كورونا مكنه من التعرف علي الاسلام بعد عزلته في الحجر الصحي وقارن بين حياته قبل الاسلام وبعده . قبل الاسلام كان مسرفا بالكحول ويعاني من الارق ، والآم في الظهر ، ويتحدث عن حياته بعد الاسلام يقول انه يشعر بالراحة ، وعلم عن مغزي الحياة ، ولايعاني اية مشاكل واشار الي انه يواظب علي صلاته ويتبع طريق السلف ، واخيرا دعا المسلمين الي الرجوع الي الدين والمواظبة علي الصلاة.
الدين في المجتمعات الشرقية متجذر في وجدانهم لانه الاصل والغاية التي خلقوا من اجله قال تعالي (وما خلقت الجن والانس الاليعبدون) واخطأ من جعل الاسلام كغيره من الديانات المحرفة ، وقلد الغرب في نقد الدين والعبث بنصوص الشريعة هاهم الغربيون يلوذون بالاسلام في زمن الكورونا