الجمعة، 28 أبريل 2023

لعنة الحرب تقضي علي حلم بناء دولة مستقرة

 بشكل مفاجئ استبقظ سكان العاصمة الخرطوم في يو م السبت الموافق 15 / 4 / 2023علي اصوات الاسلحة والانفجار والدمار ليزيد من معاناة الشعب السوداني الذي ضاق الامرين جراء سوء ادارة الفترة الانتقالية والفشل في تحقيق نوافق وطني يستوعب كافة القوي الوطنية .

لكن الازمة الراهنة جاءت مغايرة تماما  حيث انحصر الصراع بين طرفي المكون العسكري قوات الشعب المسلحة الممثل الرسمي للدولة، وعلي راسها الفريق عبد الفتاح البرهان .

اما الطرف الاخر قوات الدعم السريع التي يشغل قائدها العام نائب رئييس مجلس السيادة .

وأعلن إنشاء قوات الدعم السريع بموجب قانون قوات الدعم السريع الذي أجازه المجلس الوطني في جلسته رقم 43 من دورة الانعقاد الرابعة 18 يناير 2017، لتكون تحت قيادة رئيس الجمهورية مباشرة رغم تبعيتها في الوقت نفسه إلى القوات المسلحة.

وتحدد قوات الدعم السريع ثلاثة أهداف رئيسية لها وهي دعم ومعاونة الجيش والقوات النظامية الأخرى في أداء مهامها والدفاع عن البلاد في مواجهة المهددات الداخلية والخارجية وأي مهام أخرى يكلفها بها القائد العام للقوات المسلحة.أما الهدف الثاني التصدي لحالات الطوارئ المحددة قانونا، أما الهدف الثالث فهو "المشاركة في توطيد وحماية السلام والأمن الدوليين تنفيذاً للالتزامات الأخلاقية والمواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية".

العربية  https://bit.ly/3AzuVuM 

 وضعية الدعم السريع كجيش مواز للقوات المسلحة محل انتقاد كثير من المراقبين والمحللين السياسيين حيث يتوقع حدوث صدام مسلح خاصة في الخرطوم ، وهذا ما يحدث لحظة كتابة المقال ولعل ابرز الاسباب التي دفعت طرفي المكون العسكري الي الاقتتال : صراع الارادات وتقاطع المصالح بينهما ، اضافة الي تباين الاراء في الخيارات السياسية والموقف من القوي السياسية .

من خلال المناوشات والحرب الكلامية بين البرهان وحميدتي تبين سبب آخر عجل بالصدام المسلح وهو سبب اداري بحت وتداخل الصلاحيات بين قيادتي الجيش والدعم حيث منع البرهان امرار ورفع التقارير الي نائبه . لكن مع كل هذه الارهاصات لم يكن احدا يتوقع حدوث صدام مسلح بين الطرفين لان من مصلحة الطرفين التوافق والحفاظ علي المكتسبات وتفويت الفرصة للمتربصين من القوي السياسية التي تدعو الي تقديم الرجلين الي العدالة فيما يخص الجرائم المتعلقة بدارفور ، واحداث فض اعتصام القيادة العامة.

مصلة هذه الحرب سقوط ضحايا مدنيين ودمار البنية التحتية ، وانهيار المنظومة الاقتصادية والصحية اضافة موجات اللجوء والهجرات المتدفقة الي دول الجوار وعمليات النهب والسلب .لعنة الحرب الاخيرة قضي علي آخر امال الشعب السوداني البطل في العيش في وطن آمن مستقر متماسك .



الأربعاء، 15 يونيو 2022

حوار الآلية الثلاثية التحديات وفرص النجاح


 

منذ سقوط نظام البشير ودخول البلاد المرحلة الانتقالية بشراكة العسكر مع قوي إعلان الحرية والتغيير لم يتوصل المكونات السياسية ، وأطراف اتفاقية السلام إلي حل يخرج البلاد من حالة الانقسام  السياسي ، ورفع المعاناة عن كاحل الشعب السوداني البطل إلي وضع يتيح للمواطن العيش بسلام في وطنه ، لعل ابرز أسباب استمرار الأزمة مع وجود حكومة الثورة يتلخص في الآتي :

1/ عدم إدراك حكومة حمدوك بطبيعة التحديات التي تواجه نظام الحكم في السودان .

2/ انفراد الحرية والتغيير بالقرار السياسي وتهميش قوي الثورة الاخري مما ؛ احدث ردات فعل قوية من بعضها إلي درجة الوقوف بجانب العسكر ضد الحاضنة السياسية .

3/ الاختيارات الخاطئة للوزراء وتجاوز الوثيقة الدستورية اضعف كثيرا من أداء حكومة الثورة  وساهم في تشكيل وضع متأزم انهي الشراكة بين المكون العسكري والحاضنة السياسية بما عرف بانقلاب 25 أكتوبر .

4/ انعدام الثقة بين المكون العسكري وشريكتها قحت من جهة ، وبين قحت مع باقي القوي السياسية.

شهدت الساحة السياسية الكثير من المبادرات والرؤى من مختلف الاتجاهات بغية الوصول إلي حل مرض للجميع واستئناف حياة سياسية جديدة ينعم فيها الجميع بفرص متكافئة ، وتحقيق السلام الشامل كان مصير كل هذه المبادرات الفشل بما فيها مبادرة السيد رئيس الوزراء الطريق إلي الأمام.

آخر هذه المبادرات تلك التي دعت  إليها الآلية الثلاثية المتمثلة في بعثة الأمم المتحدة ، والاتحاد الإفريقي ، والإيقاد وقد انعقدت جلستها اليتيمة في يوم الأربعاء الموافق 8/6/2022بفندق السلام روتانا وتباينت مواقف القوي السياسية تجاه حوار الآلية الثلاثية ما بين مرحب بها ورافض مما أدي إلي تعليق جلسات الحوار إلي اجل غير مسمي ويرجع كثير من الخبراء والمتابعين تعليق جلسات الحوار إلي انخراط المكون العسكري مع الحرية والتغيير المركزي في المبادرة التي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ، ووصفت هذه الوساطة بالغموض حيث لم يصرح أيا من الأطراف بنتائج اللقاء سوي كلمات من الحرية والتغيير لاتعبرعن جوهر ونتائج اللقاء.

عند الحديث عن حوار الآلية الثلاثية وموقف القوي السياسية منها هناك عدة قوي تصدرت المشهد السياسي سلبا وإيجابا بما يتعلق بالتعاطي مع  جهود الآلية :

أولا / المشاركون :

وهم مجموعة من الأحزاب يضمها الشق الثاني من الحرية والتغيير والتي عرفت بالتوافق الوطني والجبهة الثورية جناح جبريل ، ومجموعة مناوي ، والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ، والمؤتمر الشعبي . في تلك الجلسة قال : المبعوث الاممي إن الحوار يعمل علي يعمل علي ترتيبات دستور البلاد واختيار رئيس الوزراء ، والانتخابات بينما دعا المبعوث الإفريقي إلي ضرورة مشاركة كافة القوي السياسية في الحوار ولايمكن نجاح عمل الآلية إلا بالتحاق القوي المقاطعة للحوار. لكن مع التئام  مجموعة المركزي والمكون العسكري في لقاء وصف بغير الرسمي تم تعليق الحوار المباشر الذي يشرف عليه الآلية الثلاثية إلي اجل غير مسمي بحجة المزيد من المشاورات .

لاقت هذا الإجراء بخصوص تعليق الحوار استنكارا واسعا من قبل المشاركين وحذروا أن يكون اللقاء بديلا عن عمل الآلية .

ثانيا / المقاطعون

وابرز المقاطعين الحرية والتغيير المجلس المركزي ، والحزب الشيوعي ، وتجمع المهنيين ، ولجان المقاومة ، والحرية والتغيير القوي الوطنية ، وحزب الأمة جناح مبارك الفاضل ، إلا أن مواقف هذه القوي متباينة فيما يتعلق بالجلوس مع المكون العسكري فالحزب الشيوعي ، وتجمع المهنيين ، ولجان المقاومة ثلاثتهم يرفضون مبدأ الجلوس مع العسكر ويتمسكون بلاءات الشارع لا تفاوض ، لا شراكة ، لا مساومة ويرون ضرورة إسقاط الانقلاب وتصفية الوجود العسكري من الحياة السياسية ومحاسبة القتلة ، بينما الحري والتغيير المركزي لايمانعون الجلوس مع العسكر من اجل الوصول إلي إقامة السلطة المدنية وإنهاء انقلاب 25اكتوبرلذلك وافقت بالجلوس مع العسكر عبر المبادرة الأمريكية السعودية .

في ظل هذا الانقسام بين القوي السياسية ، والانسداد السياسي ، والأزمة التي تمر بها البلاد هل هناك فرصة تضمن لعمل الآلية بالنجاح ؟ وماهي ابرز التحديات والعقبات التي تعترض عمل الآلية ؟

التحديات

من التحديات التي تضف فرص نجاح الحوار المباشر ، حالة الانقسام بين القوي السياسية وعدم التوافق فيما بينها ، إضافة إلي أن هناك جهات عديدة لم تتم دعوتها إلي الحوار المباشر مما يدفعها إلي مناهضة نتائج الحوار وعدم الاعتراف بها .واقوي التحديات تأثيرا هي مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية حيث يتوقع بعض المراقبين هذه الأخيرة يرجي منها أكثر من  مبادرة الآلية لأنها تمتلك من وسائل الضغط مالا يتوفر للآلية الثلاثية يقال أن الولايات المتحدة قد رفعت في وجه الطرفين العصا ولوحت إلي عقوبات وشيكة تطال السودان حال لم يتوصل المكون العسكري مع القوي السياسية لذلك نتوقع ضعف أداء عمل الآلية ربما يتم إدخال بعض التعديلات ليتوافق مع الطرح السعودي الأمريكي بناءا علي هذا التحليل يظل أمر نجاح حوار الآلية الثلاثية مرهون بتوافق القوي السياسية جميعها وتغليب المصلحة العليا للبلاد وهذا عكس مايحدث في المشهد السياسي ويظل التحدي الأكبر موقف القوي المشاركة في الحوار المباشر من الطرح السعودي الأمريكي

 

الأحد، 15 نوفمبر 2020

سلام السودان تحديات وآمال

ظل الشعب السوداني يراقب عملية السلام الذي انعقدت بعاصمة جنوب السودان منذ سقوط نظام البشير وطيلة فترة الحكومة الانتقالية ، وكله آمال لما تؤول اليه نتائج ومخرجات التفاوض بين اطراف عملية السلام ، وما يترتب عليها من حل للمشكلات التي لازمت مسيرة الدولة السودانية الحديثة التي ادت الي انقسام سياسي حاد بين مكونات السياسة السودانية ، وضعف اجهزة الدولة ، بل تعدي حالة الانقسام الي المكون الاجتماعي حتي اصبحت الاحزاب السياسية تمارس العمل السياسي من خلال القبيلة والطائفة ، وظهور الفساد والمحسوبية.

لكل ما سبق اعلاه الشارع السوداني يساوره تساؤلات بالغة الاهمية مرتبطة ارتباطا مباشرا بحاجياته بعيدا عن مكاسب الاحزاب والجماعات التي صنعت السلام والتي تتطلع لشغل مناصب دستوريه والحصول علي امتيازات ، ماهي مكاسب المواطن السوداني البسيط من هذه الاتفاقية ؟ وماهي الفرص الحقيقية لدعم الولايات المتأثرة بالحرب وهل هناك رؤية تفصيلية لرتق النسيج الاجتماعي وتماسكه؟ وماذا عن الوضع المعيشي المتردي هل مسودة سلام جوبا خاطبت سبل توفيرالخبز والبنزين وتوفير السلع الاستراتيجية ودعمها؟

بطبيعة الحال التحديات التي نناقشها ليست التحديات التي يطرحها السياسيون عقب اتفاقات السلام السابقة والمتضمنة لكيفية انزال بنود الاتفاق المرتبطة بتقسيم السلطة والثروة والترتيبات الامنية بل التحديات اكبر من ذلك بكثير لان هذا الاتفاق يأتي في سياق مختلف تماما حيث شهد البلاد تغييرا واسعا بازاحة نظام حكم السودان ثلاثة عقود من الزمان ، وكان خصما شرسا لموقعي اتفاقية جوبا ، اضافة الي ان الحكومة المقبلة تنتظرها الكثير من الملفات الساخنة التي تحتاج الي معالجات جوهرية واعتبرها مقياسا لنجاح اوفشل السلام الحالي ياتي في مقدمتها الملف المناطقي او المسارات خاصة دارفوروملف اللاجئين والمصالحة الوطنية بينما يعاني اقليم شرق السودان من ويلات الحرب بين اكثر من قبيلة وراحت ضحيتها انفس بريئة من مواطني المنطقة ،ويضاف اليهاان مسارالشرق ليس عليه اجماع من اهل المنطقة المنقسم اصلا. من التحديات معالجة ملف الهوية الوطنية وعلاقة الدين بالدولة وفي تقديري فشل اطراف التفاوض في هذا الملف حيث لم تعالج بالصورة المطلوبة وتم تغليب مزاج الاقلية العلمانية علي حساب الاغلبية المطلقة من الشعب السوداني ولم يحدث امر كهذا في اعرق  الديمقراطيات .

يبقي امر نجاح تطبيق عملية السلام في الواقع السوداني رهين معالجة هذه الملفات وتمثيل الشعب السوداني عبرالحكومة الانتقالية بكفاءة ومهنية عالية بعيدا عن مسسبات الازمة الراهنة وتجنب اخطاء الحرية والتغييرفي الفترة الماضية .


 

الأربعاء، 20 مايو 2020

ظاهرة نقد الدين بعد الثورة السودانية اشكالات الطرح وضعف المضمون


للحقيقة والتأريخ الجموع الهادرة في ديسمبر2019والتي خرجت تطالب بالحياة الكريمة ، وتحسين مستوي المعيشة للفرد داخل ربوع الوطن ؛ لم تخرج لازلة نظام اسلامي بقدرما نادو باسقاط الظلم ، والفساد الذي لازم نظام الانقاذ طيلة فترة حكمه خاصة الايام الاخيرة وبعد تعامل القوات النظامية بالقوة المفرطة مع المحتجين تعالت الاصوات التي تنادي باسقاط النظام
اثناء الاعتصام في ساحة القيادة العامة ضرب الشعب السوداني اروع الامثلة بالتمسك بشعائر الاسلام باقامة صلاة الجمعة والجماعات ، والخلق الحسن ، والتعاون علي انواع البر.
اثناء ذلك بدأ ظاهرة نقد الدين يتصدر المشهد عند قلة قليلة من احزاب اليسار مستغلين فشل المؤتمر الوطني في ادارة البلاد متصيدة الاخطاء المنهجية والشرعية لنظام البشير بالمقارنة بين شعارالنظام الداعي الي الاسلام وبين التجربة المناقضة لحكم الشرع  . تم توظيف هذا التناقض كأداة اعلامية لضرب المشروع الاسلامي بالكلية وتسويق العلمانية نظاما بديلا علي انقاض المشروع الانقاذي الديني وبني اصحاب الاتجاه العلماني طرحهم علي فرضيتين الاولي ان الثورة السودانية جاءت في سياقها مغايرا للثورات التي شهدتها المنطقة في العام 2011التي عرفت بثورات الربيع العربي التي هي من صنع الاسلاميين ، بينما الثورة السودانية قامت ضد النظام الاسلامي المتمثل في المؤتمر الوطني. اما الفرضية الثانية فشل تجربة الانقاذ وسوء استغلال السلطة طيلة فترة الثلاثة عقود الماضية دليل فشل تجربة مشروع الاسلام السياسي لذلك لابد من نظام بديل يستوعب التنوع الثقافي والديني والسياسي.....الخ بعيدا عن توظيف الدين للاغراض السياسية . لعل الناظر لمضمون الخطاب العلماني الداعم لتوجه اقصاء الدين من الحياة العامة يغلب عليها المزاج الليبرالي والحلم اليساري حيث انزلوا جميع اطياف العمل الاسلامي محل النظام الانقاذي البائد .
مع تشكيل الحكومة الانتقالية ذات الاغلبية اليسارية سعي هذ النظام الوليد الي توطيد اركان العلمانية ومحاربة المنظومة الاسلامية ، اغلقت الكثير من المنظمات والجمعيات الاسلامية ، وعملت علي الغاء القوانين التي تجرم الاعمال الفاحشة ، وممارسة الدعارة وغيرها . الحملات المنظمة لاسقاط رجال الدين وممارسة الاستفزاز المستمر بالحديث عن الحريات التي لم تألفها الشعب السوداني كرعاية حقوق المثليين والمجاهرة بها اصبحت جزء من المهمات الريئسية للحكومة الانتقالية بغرض فرض ايدولوجيا بديلة عن الدين .
مدير ادارة المناهج دكتور عمر القراي ابرز من تولي مشروع نقد الدين وهو معروف بمرجعيته الفكرية النابعة من الفكر الجمهوري ، وهو من اتباع محمود محمد طه الذي اعدمه القضاء السوداني في عهد الرئيس جعفر نميري 1985م ردة ويرتكز الفكر الجمهوري علي التفسير الباطني للنصوص ، مما يؤي الي اشكالات فهم النصوص بصورة منحرفة ومن ثم تطبيق هذه المفاهيم بشكل مختلف عما جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فقد كان محمود محمد طه استاذ عمر القراي لايصلي الصلاة المعروفة فضلا عن انه يدعي الالوهية في طرحه الانسان الكامل، ومن المنطلقات الاساسية للحزب الجمهوري ان الدين لايصلح لزامننا.عودا الي مدير ادارة المناهج وتبنيه مشروع نقد الدين ، وقد اعلن اكثر من مرة انه يشرع في اطار تغيير المنهج والاصلاح التعليمي بحذف مادة القرآن الكريم والاستعاضة بدلا منه الموسيقي وترانيم اليهود والنصاري وشعارات الثورة السودانية مما اثار الكثير من الجدل حول افكاره واقواله المتطرفة وتهكمه علي بعض سور القرآن ، وقاد متخصصون وناشطون حراكا واسعا لاقالته من منصبه .
اشكالات الطرح العلماني لنقد الدين
عند التأمل في الطرح العلماني ومبررات نقد الدين في الفترة ما بعد ثورة ديسمبر نلاحظ ضعف الحجج ، ومجانبة الموضوعية في مضمون الفكرة وبنية الطرح ، وانها تعاملت بشكل سافر مع موضوع الدين ونناقش هذه الامور في نقاط ، حتي يتضح التحامل غير المبرر في نقد الدين.
اولا / محاكمة الاسلام والمشروع الاسلامي من خلال تجربة نظام الانقاذ فيه ظلم وحيف وتجاوزلحدود الانصاف ؛ اذ الاسلام دين مقدس كل ما فيه عدل ورحمة وحق لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومصدره الوحي من الله . بينما مشروع الانقاذ تجربة بشرية غير معصومة معرضة للحق والباطل ، والخطأ والصواب من الظلم مساواة شرع الله المنزل بالكسب البشري القاصر هذا من جهة ، ومن جهة  اخري الصاق تهمة الفساد الديني علي مجموعات العمل الاسلامي كافة بسلوك شخص عمل غير مبرر.
ثانيا / المطالبة بابعاد الشرع عن المسألة السياسية حتي لايتم توظيف الدين في القمع والعنف والقتل باسم الاسلام  احد اشهر حجج من ينادون بابعاد الدين عن الحياة العامة وجعله حالة خاصة بين العبد وربه. وهنا تساؤلات تواجه اصحاب هذه الدعوي هل كل فكرة او منهج تم استغلاله وتوظيفه يجب الغاءه وابعاده؟ ولماذا الانتقائية والازدواجية  في الواقع رأينا مشاهد وتجارب مؤلمة من توظيف الدين واستغلاله من قبل انظمة تدعي تمسكها بالشرع وهي ابعد ماتكون من الدين بسلوكها وتجاوزها حدود الله.
التعامل الصحيح في مثل هذه المواقف اولا ان نثبت سلامة الدين وعصمته من الانحراف والتعامل مع السلوك الانساني في حدود العمل البشري العاجز عن ادراك الكمالات ، ثم واقعيا لوحظ ان اكثر ماتعرض للتوظيف والاستغلال السيئ عبر التأريخ الممتد الديمقراطية وشعارات حقوق الانسان فهل يسعي اصحاب نظرية الغاء الدين بسبب التوظيف الي نبذ الديمقراطية وحقوق الانسان بذات الاسباب؟ هذا مالم يحصل .
بعد هذه الاشارات بتناول الطرح العلملني وظاهرة نقد الدين ومضمون الفكرة الجوهرية الداعية الي الغاء الدين في السياسة والحياة العامة تبين ضعف الخطاب العلماني في بلد يتمسك اهلها بالاسلام ويعتزون به  

الخميس، 14 مايو 2020

الاسلام في زمن الكورونا


ظل الاسلام موضع جدل كبير في الاوساط الغربية ، خاصة بين المفكرين ، لأنهم رأوا فيه مصدر تهديد للقيم الغربية خاصة ان الاسلام قد انتشر سريعا في اهم الشرائح والفئات العمرية ، كما اشار صمويل هنتغتون في اطروحته صدام الحضارات اكد في هذا الكتاب ، نسبة الزيادة المطردة لمعتنقي الاسلام  في الغرب كما وجد ان الديانة التي حظيت باهتمامات الشباب من حيث الاعتناق والقبول من بين الديانات السماوية الاخري هي الديانة الاسلامية .
اتخذ الرؤساء الامريكيين التخويف من الاسلام ورقة رابحة في الدعاية الانتخابيةعقب الحادي عشر من سبتمبر حيث استخدم الرئيس الامريكي جورج بوش الابن كلمات مستوحاة من القاموس الديني وقد اطلق علي حملته ضد طالبان الحرب الصليبية ووصفه المسلمين بالارهابيين . ويرجع تأريخ عداء الغرب للدين عقب سقوط الملكيات المطلقة ، وسقوط الكنيسة ورجال الدين .
في تلك الاجواء برزت المفاهيم التحررية ، والتصورات الليبرالية وقيم الحداثة التي تتطلع في حجز مكان لها علي انقاض المورث الديني البالي . ثم تطورت تلك المفاهيم ، وتمركزت حول الانسان بدل الالــه ، والمادية مقابل الغيبيات وكانت النتيجة بداية صعود موجات الالحاد ، وظاهرة نقد الدين . وتجريم الاسلام والصاقه بالتهم الزائفة مما عزف الاجيال الغربية عن التعرف علي الاسلام والاطلاع علي تعاليمه وتشريعاته . غاية ما يعرفه الغربي عن الاسلام انه دين يدعو الي الوحشية ، ولايعدو المسلم في نظره انه متخلف وارهابي وهكذا جعلوا ستارا من الغشاوة حال دون رؤيتهم الحقائق ، وسياجا من الخوف حتي تملكه الاسلام فوبيا في السلوك والتصرفات فغابت عند هذه الشريحة من الغربيين قيم الحوار والتسامح ، للاسف لقد طبق الليبراليون العرب تجربة الغرب في التعامل مع الاديان   نسخة بالكربون مع الاسلام دون مراعاة لتغاير البيئات ، وخصوصيات المجتمعات ، فضلا عن الدين الاسلامي الذي يتميز بشمول التشريعات ، وحفظ نصوصه من العبثية ، وسلامة المعتقد من التحريف الذي طال كثير من الديانات الاخري .
من ابرز محطات عداء الغرب للاسلام محطة مابعد الحرب الباردة حيث تخلص الغرب من العدو اللدود المتمثل في الاتحاد السوفيتي ، حيث وجد الغرب في الاسلام عدوه الجديد. والمحطة الثانية عقب الحادي عشر من سبتمبر.
هناك الكثير من البشريات لاحت في الافق باعتناق اعداد كبيرة من الغربيين الاسلام عندما رأو في الاسلام الدين المنقذ ، وسقوط افتراءات الغرب حول الاسلام والمسلمين .
يعتقد المسلمون انه ليس هناك شر مطلق . ربما ياتي المنح في طيات المحن . وتلوح اشراقات الامل في وسط الظلام .في وقت سابق هاجم الغرب المسلمين بكل ضراوة تحت لافتة محاربة الارهاب ؛ فانكب كثير من المثقفين والباحثين عن الحقيقة علي المراجع الاسلامية ، والتأريخ الاسلامي وقاد ذلك الي اسلام كثير منهم ، والبعض رفع القبعة احتراما للاسلام والتزم موقف الحياد.
مؤخرا عند اجتياج جائحة كورونا للعالم ، واصاب الالآف في قارات العالم المختلفة .اعلن دول عظمي عن عجزها السيطرة علي الفيروس المستجد وتطلب تدخل الرب لانقاذ العالم ، وبدأ البحث عن دور الاديان في مكافحة الفيروس بهذا الخصوص اورد المجلة الامريكية نيوزويك تقريرا بعنوان هل يمكن لقوة الصلاة وحدها ايقاف وباء مثل كرونا؟حتي الرسول محمد كان له رأي آخر هنا يشير المقال الي ضرورة العمل بالاسباب الكونية ، والشرعية في مواجهة الجائحة وهو الامر الاذي لم تألفه الغرب منذ امد بعيد تابع اضاف المقال ان النبي محمد صلي الله عيه وسلم قد نبه الي الالتزام بالحجر والمحافظة علي النظافة قبل اكثر من 1300عام ، واوردت المجلة الكثير من احاديث الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الآمرة بالنظافة كحديث ابي هريرة في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم ( اذا استيقظ احدكم من نومه فلايقمس يده في الاناء حتي يغسلها ثلاثا)
واورد احاديث الطاعون التي تأمر بالحجر والعزلة ، قابل جماهير القراء هذا التقرير بالاستحسان مما اشعل الوسائط الاجتماعية . ورأي كثير من غير المسلمين ان الاسلام دين يستحق الاحترام ويقدم حلولا ورؤي في القضايا المعاصرة عكس الاديان الاخري التي ليس لديها اراء واضحة حيال جائحة كورونا . شاهدت كغيري من المتابعين التعاطف الغير المسبوق للانسان المسلم في البلدان الغير اسلامية ، والسماح لهم اثناء جائحة كورونا بالازان جهرا.
هذا المصارع النمساوي يعلن اسلامه وسط انشغال العالم بفيروس كورونا حيث صرح فيلهلم اوت ان جائحة كورونا مكنه من التعرف علي الاسلام بعد عزلته في الحجر الصحي وقارن بين حياته قبل الاسلام وبعده . قبل الاسلام كان مسرفا بالكحول ويعاني من الارق ، والآم في الظهر ، ويتحدث عن حياته بعد الاسلام يقول انه يشعر بالراحة ، وعلم عن مغزي الحياة ، ولايعاني اية مشاكل واشار الي انه يواظب علي صلاته ويتبع طريق السلف ، واخيرا دعا المسلمين الي الرجوع الي الدين والمواظبة علي الصلاة.
الدين في المجتمعات الشرقية متجذر في وجدانهم لانه الاصل والغاية التي خلقوا من اجله قال تعالي (وما خلقت الجن والانس الاليعبدون) واخطأ من جعل الاسلام كغيره من الديانات المحرفة ، وقلد الغرب في نقد الدين والعبث بنصوص الشريعة هاهم الغربيون يلوذون بالاسلام في زمن الكورونا

الخميس، 17 أكتوبر 2019

منحنيات الثورةالسودانية


عاش السودان في الفترة الماضية سلسلة من الازمات التي ضربت قلب الاقتصاد السوداني ، فتداعت علي اثرها انهيارالمنظومة الاقتصادية ، بتها وي العملة السوادانية امام الدولار الامريكي وزيادة سعر الصرف ، وانعدام السيولة في البنوك والاسواق ؛ بات الحصول علي الخدمات الاساسية بشق الانفس  وساهم هذا الوضع بخلق حالة من التوتر ، والاحتقان في الشارع السوداني مما ادي الي اندفاع الجماهير الثورية الي تنظيم حركة احتجاجات واسعة بمعظم المدن السودانية مطالبين بتحسين الوضع المعيشي ، واصلاح الاقتصاد ، ومحاربة الفساد ، ومحاسبة المفسدين.
تعاملت اجهزة الامن السودانية بقوة مفرطة حيث استخدمت الرصاص الحي في مواجهة الشباب العزل ، ووقع الكثير من القتلي في كافة المدن والولايات السودانية عندها رفع الثوار سقف مطالبهم حتي اصبح المطلب الرئيس رحيل النظام . بعد سقوط النظام في ابريل الماضي طالب جموع المعتصمين في ساحة القيادة العامة تسليم السلطة الي حكومة مدنية . فخط الثورة حسب المطالب الشرعية التي نادي بها جماهير الشعب السوداني مستقيم بدءا من تحسين الوضع المعيشي ، والاصلاح الاقتصادي ، محاسبة المفسدين والقتلة ،  سقوط النظام ، تسليم السلطة الي حكومة مدنية ، الا ان الخط الثوري قد انحرف عن خطه المستقيم ، وظهرت انحناءات علي طول الخط بعد تشكيل الحكومة الانتقالية ، وبدأ الحديث عن قضايا لا تمس هموم المواطن المغلوب علي امره ، ولايمثل مطالب الثورة من قريب او بعيد. ذلك الحديث عن الشريعة وضرورة ابعادها عن قضايا السياسة والحكم بل عن الحياة العامة ، مما قد شكل ردة واضحة عن المطالب الثورية ، وانحراف عن جوهر القضية 360 درجة . في هذا السياق تناولت بعض وسائل الاعلام عن بعض منتسبي الحكومة الانتقالية آراء متطرفة تجاه الشريعة الاسلامية كالحديث سلبا عن المذاهب الاربعة ، والكلام عن الخمر كجزء ثقافي للشخصية السودانية ون الشريعة لا  تناسب المجتمع السوداني المتعدد الاديان ، والمذاهب ، والثقافات .
بني اصحاب هذا الاتجاه ذا  الخلفية اليسارية علي فرضيتين
الاولي : ان الثورة السودانية في سياقها جاءت نقيضا لثورات الربيع العربي التي انتزعت الانظمة العلمانية في المنطقة بقيادة الاسلاميين ، بينما الثورة السودانية اقتلعت نظام الاسلاميين المتمثل في حزب المؤتمر الوطني ، وبالتالي ان توجه الثورة السودانية جاء مغايرا للطرح الاسلامي .
الفرضية الثانية : فشل تجربة الانقاذ ، وسوء استغلال السلطة طيلة فترة الثلاثة عقود الماضية دليل فشل مشروع الاسلام السياسي لذلك لابد من بديل خارج منظومة المشروع الاسلامي. لابد من الاشارة الي ان الفرضيتين اعلاه قد جانبتا حقيقة الواقع السوداني ، واغفلتا المجتمع المتدين بطبعه ، وان فشل الانقاذ في اقامة شرع الله ، وارساء دعائم حكم رشيد ، لا يعني فشل الاسلام وفساد شرائعه ،  بل يحاسب نظام الانقاذ الفاسد علي جرائمه واما ارتكبه من اجرام بحق الشعب السوداني  البطل ، دون ان ينسحب ذلك الفساد والفشل في تطبيق الشريعة الي تعاليم الاسلام والابرياء من ابناء الامة . تنتظر الحكومة الانتقالية الكثير من التحديات والملفات العالقة التي لم تحسم بعد مثل : القصاص للشهداء ، وملف المفقودين ، وتحقيق العدالة وكذلك تحسين الوضع المعيشي ، ومحاربة غلاء الاسعار . لم تتخذ الحكومة اجراءات جادة بخصوص هذه القضايا حتي علي مستوي سن التشريعات وابداء الاهتمام في مواجهة الوضع المتأزم ، الشعب السوداني الان يعيش ذات الوضع ، والظرف الذي مهد لقيام الثورة ضد نظام الانقاذ ، الان بات الحصول علي قطعة الخبز امرا صعبا حيث عادت الصفوف مرة اخري بين الفينة والاخري ، وازمة المحروقات لاتزال تراوح محلها ، ومن خلال المتابعات الدقيقة ربما هناك رفع للدعم عن بعض السلع خاصة المحروقات ، لابد من تدارك الوضع حكومة وشعبا وانقاذ ما تبقي من الوطن ، والحفاظ علي النسيج الاجتماعي السوداني بادارة التنوع بعدالة حقيقية تراعي كافة الاطراف والمكونات . ان الشعب السوداني في ثورته لم تخرج من اجل اسقاط الشريعة ، ولم تطالب ابدا بنظام علماني صارخ يبعد الدين من الدولة والحياة كافة ، بل كان الشعار الابرز اثناء الثورة تسقط بس . ان المطالبة بتنحية الشريعة واستعداء الجماعات الدعوية من اجل  التجربة الفاشلة للمؤتمر الوطني باستخدام الدين مطية لاغراضه وطموحاته يدل علي التوجه الفكري الاقصائي لبعض منسوبي الحكومة الانتقالية ، وفي الختام اقصاء الشريعة من الوثيقة الدستورية وعدم التنصيص علي هوية الدولة يعتبر تراجع عن خط الثورة ، وخيانة لمن ضحوا بارواحهم ، وفقدوا لحظة فض الاعتصام وخلاصة القول ، الثورة من اجل اصلاح الوضع المعيشي وليس لاقصاء الشريعة.


السبت، 2 فبراير 2019

الامن القومي المفهوم والابعاد


مصطلح الامن القومي كغيره من المفاهيم التي اخذت حظها من التنظير واتفكير، علي مدي عقود من الزمان ، حتي اصبح يشغل اهتمام كثير من الباحثين ، والاكاديميين في مجال الدراسات الاستراتيجية ، والقادة العسكريين .
ظهور هذا المصطلح قديم يعودالي بداية الحياة الانسانية وتطور مع تطور المجتمعات البشرية ، عند بداية ذهور المصطلح اتجهت كل الانظار الي المعني الضيق للامن الذي يختزل مفهوم الامن القومي في اطار المفهوم العسكري ، وادارة الصراعات المسلحة بين الدول ، والاحوال الامنية الداخلية . كان الصحفي الامريكي ولتر ليبرمان من اوائل من استخدم تعبير الامن القومي وعرفه (بالقوة العسكرية والتي تضمن للدولة عدم التضحية بمقدراتها لتجنب ويلات الحروب ، وقدرتها علي حماية نفسها )[1]يري الباحث ان هذا التعريف فيه الكثير من التقصير ، حيث يختزل تعريف الامن القومي في المفهوم العسكري ، مما يفقد التعريف حيويته ، ويهمل جوانب مهمة تدخل في صميم الامن القومي ، مع تطور احداث البيئة الدولية ، وتنوع مصادر الصراع الدولي ، اصبح من الضروري استيعاب المعطيات الأمنية الجديدة ، وأسلوب إدارة الصراع بكافة أشكاله علي المستوي المحلي ، والإقليمي والدولي لضمان صياغة جديدة تتلاءم مع الظروف الأمنية  ، وتستوعب جميع مكونات وأدوات الصراع .
انطلاقا من هذه الفكرة أصبح لمصطلح الأمن القومي نظريات متعددة ، وتعريفات مختلفة لاختلاف البيئات الفكرية من هذه التعريفات : ( الامن القومي هو الاجراءات التي تتخذها الدولة في حدود طاقتها للحفاظ علي كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات الدولية ) بينما ذهبت اكاديمية ناصر الي أن الامن القومي هو ( الاجراءات التي تلتزم بها الدولة أو مجموعة الدول لضمان أمنها ، واستقلالها ، وسيادتها في المجتمع الدولي بما يتواءم ، والتزاماتها الدولية سياسيا ، وجغرافيا ، وتاريخيا ؛ لتحقيق التنمية الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، وتدعم القوة العسكرية لشعوبها لتصل الي المكانة المرموقة في المجتمع الدولي بناء علي تخطيط علمي مدروس تحقق الاهداف والغايات المرجوة )[2] يستخلص الباحث من التعريفين اعلاه الاتي :
1 /التطور الكبير في مفهوم الامن القومي ، حيث شملت قضايا عدة غير القضية العسكرية ، كالسياسة ، والاقتصاد ، والاجتماع .
2/ مفهوم الامن القومي كغيره من مفاهيم العلوم الاجتماعية بالرغم من الدراسات العميقة ، والمحاولات الجادة لم يحصل الاتفاق علي معني دقيق ومشترك بين المهتمين والباحثين . استفادات الدول الكبري من هذا الموقف لتستخدم اغراضها ، واطماعها التوسعية عبر التدخلات الدولية .
3 / اهمية الامن القومي في صياغة وبلورة موقف الدولة في سياستها الخارجية وتنظيم علاقات متينة مع الدول ، ووضع سياساتها العامة .
بدون رؤية واضحة للدولة في تصورها للامن القومي ، فان الفوضي يسود كل مناحي الحياة ( ويعم الفوضي والاضطراب ، وتتقوض دعائم الدولة في نهاية المطاف ، هذا ما ينعكس سلبا علي الدولة وتصبح المعركة داخل مجتمعها لترتفع مظاهر اخري اكثر سلبية تحت مظلة الانفلات الامني ، كزيادة نسبة الجريمة المنظمة ، وتبييض الاموال ، والانحراف الاخلاقي ، والاجتماعي ، والفساد السياسي )[3].
4 / ضرورة دراسة تحديات الامن القومي للدولة علي المستوي الداخلي والخارجي وتحديد تهديدات الامن القومي ، واستيعاب عناصر القوي الشاملة للدولة .
يري الباحث ان ما سبق من تعريفات للامن القومي يتأسس عليهاتحديد منطلقات وابعاد الامن القومي التي تتميز بالشمولية ، والترابط ، والتكامل من هذه الابعاد :
اولا/ البعد السياسي
ويتمثل في الحفاظ علي الدولة ، والنظام السياسي للدولة داخليا وخارجيا من القضايا الداخلية التي تتعلق بالامن القومي سياسيا( السلام الاجتماعي  الوحدة الوطنية ، تماسك الجبهة الداخلية ) اما خارجيا ( الدفاع عن حدود الدولة ، والسيادة الوطنية ، بناء قوة الردع الاستراتيجية) .
ثانيا/ البعد الاقتصادي
القدرة الاقتصادية من عوامل قوة الدولة لذلك يجب علي المنظومة الامنية الاهتمام بكافة موارد الدولة لتحقيق اهدافها السياسية .
ثالثا/ البعد الاجتماعي
من قضايا الامن القومي في المجال الاجتماعي ، تحقيق الترابط والتماسك بين مكونات الدولة ، تحقيق العدالة الاجتماعية ، محاربة الفقر ، مشاكل البطالة.
رابعا/ البعد العسكري
يتمثل في بناء قوة عسكرية قادرة علي تلبية احتياجات التوازن الاستراتيجي في المحيط الاقليمي والقوة العسكرية هي الاداة الرئيسية في تأييد السياسة الخارجة للدول ، وتشكيل دورها القيادي علي المستوي الاقليمي .
خامسا/ البعد الثقافي
يناقش هذا المحور الحفاظ علي فكر ومعتقدات الدولة ، والاعراف والتقاليد السائدة ، ويجعل من الثقافة مصدرا للقوة الوطنية لمجابهة التحديات الداخلية والخارجية .
وفي الختام الامن القومي مفهوم واسع ، يشمل كافة القضايا التي تتعلق بالدولة ولا ينحصر في المفهوم العسكري الضيق ؛ بل يتعدي الي الي مواضيع اكثر شمولا ، والتصاقا باحتياجات الدولة الملحة ، بالمحافظة عليها وتنميتها في السياسة ، والاقتصاد ، والثقافة ، والاجتماع ولابد من الاشارة الي ضرورة تحديد تهديدات الامن القومي في السياسة والاقتصاد ...الخ بغرض معالجتها ، وجعلها منطلقا لقدرة الدولة الشاملة.


[1] د.عادل حسن محمد ،تحديات الامن القومي بعد الحرب الباردة ، الخرطوم شركة مطابع العملة،2013، ص10
[2] أ.د عام المصباح ، معجم العلاقات السياسية والدولية ، القاهرة دار الكتب الحديثة ، 2009، ص26ــ27
[3] د. مليود عامر حاج ، الامن القومي العربي وتحدياته المستقبلية ، دار جامعة نايف للنشر ، الرياض ، 2016 ،ص24